• مايو 20, 2024 - 11:41 صباحًا

مُخرجات الانتخابات ستُحدِّد مصير المجلس

طوال 50 عاماً، ومع كلِّ انتخابات، كانت المخرجاتُ شبه معروفة منذ قبل إعلان النتائج، بينما في العقود الثلاثة الماضية ، لعب شراء الأصوات، والتزكيات القبلية عبر ما سُمِّيَ “التشاوريات”، دوراً كبيراً في تحديد الوجوه التي ستدخل قاعة عبدالله السالم، غير أن هذا إلى الآن يبدو قد تغيَّر، إذ الكويت كلها، وكذلك الدول المجاورة تراقب الانتخابات التي ستعقد بعد يومين، فيما هناك توقعات بأن يتراوح التغيير بين 40 و60 في المئة.
هذه المخرجات المتوقعة سببها اعتكاف عدد من الشخصيات عن خوض المعركة الانتخابية، إما نتيجة تأكدها من فشلها في تحقيق المطالب الشعبية، وإما لتيقنها أنها لن تحقق الفوز بنسبة كبيرة، كما كان يحصل سابقاً بعد تغيير نظام الاقتراع، ومنع نقل الأصوات، والحرب الضروس على بَيْع الضمائر وشراء الولاءات الانتخابية، إضافة طبعاً إلى التَّشدد الحكومي في محاربة الواسطة، وعدم تقديم خدمات لمُرشحين أو نواب، أكان في العلاج بالخارج، أو التعيين المُخالف للقانون، أو غض الطرف عن مُخالفات كانت تُرتكب علناً في الدورات الماضية.
تختلف هذه الانتخابات بالشكل والمضمون؛ لأنَّ في الكويت اليوم حكاماً يُتابعون عن كثب، ولا يركنون إلى تقارير وآراء المستشارين، بل لديهم اطلاع على كل الأخطاء التي ارتكبت في السابق، وألاعيب قوى النفوذ، السياسي والمالي، إضافة طبعاً إلى حرصهم على السعي لخروج البلاد من شرنقة التخبُّط نتيجة سوء مخرجات الانتخابات السابقة، وفشل الحكومات المتعاقبة بوقف التحايل على القانون، وعدم تأديتها دورها الطبيعي في ممارسة صلاحياتها، وتركها ذلك لمزاجية ومصالح النواب.
أضف إلى ذلك أن ثمة حداً وضعه صاحب السمو الأمير في خطابه الذي ألقاه سمو ولي العهد في 22 يونيو الماضي، وهو حسن الاختيار، وعدم عودة مجلس الأمة سيرته الأولى في المماحكات والتعطيل، وإلا فهناك خيار أصعب وهو الذهاب إلى تعليق البرلمان، الذي تحوَّل مطلباً شعبياً في السنوات الأخيرة بعد الانتكاسات الكبيرة التي شهدتها البلاد.
إن الحكم الجديد يدرك جيداً كيف كانت تطبخ القرارات التنفيذية، وكيف، أيضاً، كان يجري تمرير الفساد بأشكال قانونية، ويُعرف المتورطون فيها، والفوائد التي جنوها، ولهذا حين اتخذ القرار باجتثاث الفساد والمحاسبة الصارمة، كان ذلك بداية لعمليات جراحية هدفها تخليص الكويت من كثير من الأمراض.
رغم ذلك يدرك الحكم، أيضاً، أن اليد الواحدة لا تصفق، وبالتالي على الشعب أن يكون له دوره في هذا الشأن فيختار ممثليه ممن يستطيعون خدمته وخدمة مصالح البلاد، وأن يتفرغوا للتشريع والمراقبة، وليس الابتزاز السياسي.
تنقل أوساط من بيت الحكم، ومصنع القرار، أن الحاكم الحالي سيُمارس دوره من خلال حكومة تحكم، ولا تنغمس في لعبة المصالح الشخصية أو تخضع لدوائر النفوذ البرلماني، ولهذا فهي المرة الأولى التي ستشهد فيها الكويت حاكماً متابعاً لكلِّ صغيرة وكبيرة، يؤدي دوره عبر حكومة قادرة وقوية، وقبل كل هذا وزراء يُخلصون لعملهم ووطنهم، ولا يخافون من أي صيحة عليهم، لكن يبقى كل ذلك مرهون بأن يُحسن الشعب اختيار نوابه؛ حتى يكون المجلس المقبل الجناح الآخر لتعود الكويت للتحليق من جديد بسلطتيْن فاعلتيْن تنفيذيةٍ وتشريعيةٍ.

أحمد الجارالله

” السياسة ” 27 سبتمبر 2022

Read Previous

بايدن: قواعد جديدة لشركات الطيران للكشف عن تفاصيل رسوم السفر

Read Next

الكشف عن الرمز الملكي الجديد لعاهل بريطانيا الملك تشارلز

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x