أحمد إسماعيل بهبهاني 
لم يكن أمرا عاديا ما شهدته الانتخابات البلدية التي جرت في المملكة العربية السعودية، يوم السبت الماضي، فقد سجلت حضورا قويا ولافتا للمرأة، ترشحا وانتخابا وفوزا أيضا، ما جعل معظم المحللين والمتابعين للانتخابات يركزون على هذا البعد بوجه خاص، ويرون فيه ما يستحق الإشادة والتنويه.
والحقيقة أنه على الرغم من فوز عشرين سيدة في هذا الاستحقاق الانتخابي، وهو بالفعل رقم كبير وذو دلالة، فإن ذلك لا يعد مفاجأة لمن يتابع جيدا ما تشهده المملكة من تطور خلال السنوات الأخيرة، حيث حققت المرأة السعودية إنجازات مهمة وكبيرة في كل المجالات، سواء على الصعيد العلمي والأكاديمي والثقافي، أو على صعيد الاقتصاد والتجارة والأعمال.. وقد فتحت لها المملكة أبواب التفوق والتميز، وقامت بتعيين عدد من السيدات في مناصب تنفيذية مهمة ورفيعة، بعضها بدرجة وزير… وعلينا ألا ننسى أيضا أنه في العام 2013 صدر أمر ملكي بتخصيص نسبة 20 في المائة من مقاعد مجلس الشورى السعودي للمرأة، ومن ثم فقد تم تعيين 30 سيدة عضوات بالمجلس.
ولذلك فإن فوز 20 سيدة في الانتخابات البلدية يعد طبيعيا، في هذا السياق الذي يسجل ارتقاء كبيرا في الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي للإنسان السعودي عموما، وللمجتمع ككل في المملكة الذي صارت تنعكس عليه بقوة نتائج النهضة العلمية والاقتصادية والثقافية التي تعمل عليها قيادة المملكة منذ فترة طويلة، وها هي تؤتي ثمارها بقوة، وتقدم الدليل تلو الدليل على تكامل الأدوار في المجتمع السعودي، وأنه لا يستطيع أحد، في هذا العصر، إقصاء المرأة أو استبعادها من التأثير والفاعلية والعمل الإيجابي، مادام ذلك كله يجري في إطار من الالتزام بالمبادئ والقيم والأخلاقيات العربية والإسلامية، بل إنه يمثل تفعيلا صحيحا لهذه المبادئ التي يشهد تاريخنا العربي والإسلامي على أننا كنا السباقين إلى تكريم المرأة، وإشراكها في العمل العام، ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات، بحيث تكون الكفاءة وحدها هي المعيار في الحكم على من يشغل منصبا أو يتولى أمرا من أمور الأمة.
كل التهنئة للمرأة السعودية بهذا الفوز المهم، وللمملكة الشقيقة – قيادة وشعبا – بما شهدته تجربة الانتخابات البلدية من نجاح كبير، وتكريس للقيم التي يؤمن بها مجتمعها، والتي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، تحافظ على تراث الآباء والأجداد، وتواكب في الوقت نفسه التطور والحداثة، لتتواصل مسيرة الإنجازات في كل ميدان من ميادين الحياة.
