أحمد إسماعيل بهبهاني 
حين تحل ذكرى حرب السادس من أكتوبر 1973، فإنها تصطحب معها بالتأكيد الكثير من المعاني والقيم التي لا نزال نحلم بأن تترسخ وتسود حياتنا، في كل الدول والمجتمعات العربية.
ومن أهم وأبرز هذه المعاني والقيم، أن وحدة الصف العربي هي أوضح المسالك وأقربها لتحقيق النصر، ليس فقط في الحروب، وإنما أيضا في كل ميادين العمل والإنتاج، وأنها السبيل نحو تحقيق التقدم والارتقاء واللحاق بركب التطور العالمي.. فقد شهدت هذه الحرب اصطفافا عربيا لم تستثن منه دولة واحدة، حتى تحقق النصر بقيادة القوات المسلحة المصرية، على أرض سيناء.
ولا يمكن أن نغفل في هذه الذكرى أيضا، درسا من أروع الدروس وأبلغها، ونعني به عنصر التخطيط والإعداد الدقيق للحرب، ومن ثم لأي مهمة وطنية أو قومية، أو حتى على الصعيد الشخصي والمؤسسي، وهو درس يعيه جيدا كل من وضعتهم الظروف في مواقع المسؤولية والقيادة، ونعتقد أنه كان العامل الأهم في تحقيق الانتصار الكبير لمصر والأمة العربية كلها.
ومن الضروري أيضا أن ندرك ونحن نعيش ذكرى السادس من أكتوبر، أن ندرك حقيقة أكدتها التجارب التاريخية مرارا، وهي أنه لا نصر ولا تقدم، ولا أمن واستقرار لمنطقتنا، إلا بمشاركة مصر، واستعادتها دورها الرائد الذي أولتها إياه الأقدار، وكرسه موقعها الإستراتيجي الممتد على قارتي أفريقيا وآسيا.. وهذا هو المعنى الذي حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على تأكيده غير مرة، وشدد عليه في خطاباته الأخيرة، بإشارته إلى أن مصر لن تتخلى عن دورها في قيادة المنطقة، وريادة الأمة العربية والدفاع عن قضاياها، وتركيزه بشكل خاص على متانة العلاقات بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، وتأكيده أن أحدا لن يستطيع أن يضع إسفينا بين مصر وأشقائها، لأن الروابط التي تربطها بهم أقوى وأمتن من أن تتأثر بأي فتنة يثيرها أي طرف من الأطراف.
ونحن في الكويت إذ نشارك مصر أفراحها بذكرى أكتوبر، فإننا نتذكر أيضا تلك الصلات العميقة التي ربطت بين الدولتين والشعبين الشقيقين، طوال التاريخ الحديث، وشهدت أروع تجلياتها على أرض سيناء حيث شارك الجيش الكويتي في هذه الحرب المجيدة، واستشهد عدد من أبنائه خلالها، كما تكرر المشهد ذاته تقريبا، بمشاركة الجيش المصري في تحرير الكويت، واستشهد عدد من المصريين دفاعا عن الحق الكويتي.
وستبقى ذكرى السادس من أكتوبر مناسبة لاستعادة الكثير من الدروس المهمة والملهمة، ليس فقط لمصر، بل للأمة العربية كلها.
