اكد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك تشرف الحكومة الجديدة بالثقة الغالية التي أولاها إياها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، مؤكدا ان المسؤولية التي يحملها الوزراء تعتبر تكليفا وتشريفا.
وأشار سمو رئيس مجلس الوزراء في كلمته خلال اول اجتماع لمجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة الجديدة إلى صعوبة التحديات وجسامة الملفات التي يجب التصدي لها وتخطي عراقيلها من خلال السير في نهج الاصلاح الذي وجه سمو الأمير بضرورة اقترانه بالعمل الدؤوب والاخلاص والتفاني والحرص على حسن التخطيط وكفاءة التنفيذ والسعي للتطوير ومكافأة المجتهد ومحاسبة المقصر.
واكد ان نهج الاصلاح والتطوير هو عنوان المرحلة، مشيرا إلى ان الوضع الاقتصادي لا يتحمل التأخير في بدء التغيير، كما ان متطلبات تطوير الاداء الحكومي لا تحتمل التأجيل في الانطلاق بقرارات جادة وحقيقة للانتقال بالكويت إلى مكانة أفضل يأمن فيها المواطن على حاضره وعلى مستقبل الأجيال القادمة.
وفيما يلي نص الكلمة:
لقد تشرفنا جميعا بالثقة الغالية التي أولانا اياها صاحب السمو أمير البلاد فحملنا أمانة المسؤولية وواجب البر بالقسم الذي أديناه أمام سموه بالإخلاص للوطن وللأمير وباحترام الدستور وقوانين الدولة وبالذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وتأدية العمل بالأمانة والصدق.
ولا يفوتني أن أثمن بكل تقدير جهود الحكومة السابقة وأخواننا الوزراء الذين كانوا خير سند وخير معين في أداء المسؤولية الجماعية والفردية في الفترة المهمة الماضية راجيا لهم دوام الصحة والعافية وموفور العطاء لخدمة الوطن في أي موقع.
ويطيب لي في أول اجتماع لنا أن أتقدم منكم بوافر الشكر والتقدير على قبول مشاركتي أعباء المسؤولية الوزارية ونحن على أعتاب مرحلة جديدة بعد ممارسة ديموقراطية رائدة تجلت في اختيار مجلس نيابي جديد يتأهب للاضطلاع بنصيبه من المسؤولية ويسرني ان أكرر باسمي وباسمكم للأخوة النواب في مجلس الأمة المنتخب جميل المباركة وصادق الدعاء بالتوفيق والسداد وأن يعيننا جميعا فيما نصبو اليه في خدمة الوطن والمواطنين.
الأخوة الافاضل إن المسؤولية التي يحملها كل منا تعتبر تكليفا وتشريفا هي تكليف يحملنا واجب العمل الدؤوب لتحقيق تطلعات أبناء الكويت الأوفياء وهي تشريف لخدمة الوطن بكل ما اوتينا من طاقة وجهد بتعاون وثيق مع مجلس الأمة الموقر وهي ثقة غالية تعزز حرصنا على أن نكون دوما عند حسن ظن حضرة صاحب السمو الأمير وأهل الكويت بنا.
ولعله من حسن التوفيق ان تضم الحكومة في تشكيلها نخبة ممن يشهد لهم بالإخلاص والكفاءة والسيرة الوطنية العطرة ولعلها مناسبة ان ينطلق العمل معكم في أول اجتماع لمجلس الوزراء برسم اطار عام للنهج الحكومي في المرحلة القادمة.
ولا يخفى عليكم في هذه المرحلة صعوبة التحديات وجسامة الملفات التي يجب التصدي لها وتخطي عراقيلها من خلال السير في نهج الإصلاح الذي وجه حضرة صاحب السمو الأمير بضرورة اقترانه بالعمل الدؤوب والإخلاص والتفاني وبالحرص على حرص التخطيط وكفاءة التنفيذ والسعي للتطوير ومكافأة المجتهد ومحاسبة المقصر.
الأخوة الافاضل إن نهج الإصلاح والتطوير هو عنوان المرحلة فلا الوضع الاقتصادي يحتمل التأخير في بدء التغيير ولا متطلبات تطوير الأداء الحكومي تحتمل التأجيل في الانطلاق بقرارات جادة وحقيقية للانتقال بالكويت إلى مكانة أفضل يأمن فيها المواطن على حاضره وعلى مستقبل الأجيال القادمة.
لقد كان هذا هاجس حضرة صاحب السمو الأمير وما أبداه من حرص على التركيز في المرحلة المقبلة على معالجة وحسم الملفات الحساسة والمهمة التي تهم جميع المواطنين وتؤمن مستقبلا زاهرا وواعدا لبلدنا الغالي.
وإذ اضع امامكم بعض الملامح الرئيسية لمرحلة العمل المقبلة فإنني على ثقة بأن تحظى بمشاركتكم واهتمامكم لبلورة نهج عملي واضح لعملنا نجني جميعا ثماره فيما يحقق الخير والتقدم لوطننا العزيز اوجزها على النحو التالي:
أولا: يأتي في مقدمة هذه الملامح وجوب تنفيذ رؤى وتوجيهات ونصائح حضرة صاحب السمو الأمير السديدة والحكيمة والتي تنبع من قائد يدرك تطلعات شعبه وحاجاتهم فيجب علينا ان نستوعبها ونعمل على ترجمتها وتحقيق غاياتها وتحويلها إلى واقع ملموس.
ثانيا: الالتزام بالعهد المطلق بتطبيق الدستور والحرص على الالتزام بكافة أحكامه وتحقيق مبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الكافة دون تفريق أو تمييز وتعزيز مقومات الوحدة الوطنية ومكافحة مظاهر الفتنة والتفرقة وترسيخ الأمن ومحاربة الإرهاب والقضاء عليه وإعلاء سلطان القضاء وإرساء مبادئ الحق والعدل والالتزام بالثوابت التي تحكم سياستنا الخارجية في إطارها الخليجي والعربي والإسلامي والدولي.
ثالثا: الحرص على التعاون مع مجلس الأمة في إطار صيغة عملية مناسبة ترعى أحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة وتهيئ العمل المشترك لإيجاد الحلول الناجعة لمختلف القضايا والموضوعات المطروحة ويضمن في النهاية تسريع الانجاز المنشود ودون نزول أي سلطة عن أي اختصاص من اختصاصاتها أو تدخلها في اختصاصات السلطة الأخرى وبما يضمن استقلال كل منها في ممارسة اختصاصه وتحمل تبعات مسؤولياتها.
رابعا: التأكيد على حرمة المال العام واتخاذ كافة الوسائل لحمايته وتفعيل محاربة الفساد والقضاء عليه بجميع أشكاله وأنواعه وتجفيف أسبابه والمبادرة إلى اتخاذ اجراءات جادة متكاملة تجسد وتعزز النزاهة والشفافية والأمانة ولعل أول توجيه أرى أن يصدر من مجلس الوزراء الموقر في جلسته اليوم هو تكليف حضراتكم كل في موقعه بسرعة اتخاذ اجراءات عاجلة لفحص جميع القضايا التي تثير شبهة فساد وتم النشر أو الاعلان عنها سواء في وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي أو الندوات الانتخابية التي عقدت خلال الفترة الماضية ويجب على كل وزير احالة فورا اي موضوع منها يتبين أنه قد يثير الشبهات إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد لاتخاذ الاجراءات القانونية حياله لاسيما وأننا لا نحمي فاسدا ولا نتستر على مسؤول منحرف مع الايمان بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته من خلال اجراءات قانونية سليمة.
خامسا: لا يخفى أهمية الملف الاقتصادي في هذه المرحلة التي تستوجب ان نسارع فيها إلى تقليص الاعتماد على النفط وايجاد مصادر بديلة للدخل الوطني وكذلك جذب وتوطين الاستثمارات الأجنبية المتميزة والنهوض بمقومات الاقتصاد الوطني على كافة مستوياته الأمر الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بتخفيف الاعباء عن الموازنة العامة وتقليص النفقات وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز اسواق العمل والتوجه نحو تخصيص الكثير من المرافق والخدمات بما يؤدي إلى تحسين هذه الخدمات ويخلق فرص عمل حقيقية للشباب.
وإننا جميعا مدعوون لضبط الهدر في المصروفات ولا سيما في ظل ظروف الانخفاض الهائل والمستمر لأسعار النفط وعلى الحكومة أن تكون المبادرة إلى تدابير جادة لخفض المصروفات في كافة الاجهزة التنفيذية بما يحقق النتائج المرجوة مع مراعاة الحفاظ على مقومات العيش الكريم والاستقرار للمواطنين حاضرا ومستقبلا.
سادسا: أن تدعيم مقومات الإدارة الحكومية هي من الأسس الرئيسية التي يجب أن تكون في أولويات عملكم اليومي فالترهل الذي تعاني منه الإدارة الحكومية والدورة المستندية الطويلة التي تعيق مصالح المواطنين وخدماتهم وتؤخر انجازها وكذلك تفشي مظاهر الفساد والوساطة والمحاباة، إضافة إلى تدني مستوى الخدمات الحكومية كلها آفات عليكم جميعا الاسراع بالقضاء عليها والحزم بمحاسبة المسؤولين عنها ناهيك عن واجب المضي في برنامج عمل لاصلاح وتحديث اساليب الإدارة وتطوير كفاءة الجهاز الإداري للدولة وتكريس العمل المؤسسي السليم والتعاون مع الاجهزة الرقابية لكشف أوجه الخلل والقصور والعمل على تلافيها وعدم تكرارها.
ان وجودكم على رأس الهرم الإداري في وزارتكم يفرض عليكم القيادة وحسن اختيار معاونيكم من القياديين وحسن الرقابة والمتابعة لسير العمل بما يكرس الانضباط وينشط العمل ويسرع الانجاز.
سابعا: اتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة قضية التعليم وتحويل الامر من مجرد الاهتمام إلى مرحلة الافعال لاصلاح وتحديث مناهجه وطرقه مع الالتزام بالحفاظ على هويتنا الإسلامية وتعاليم ديننا الحنيف وقيمنا وثوابتنا الراسخة.
ثامنا: استمرار التأكيد على تفعيل دور الشباب في المجتمع ومشاركتهم في جميع مناحي الحياة والالتفات إلى قضاياهم ومشكلاتهم ومتطلباتهم والسعي لايجاد فرص العمل المناسبة لهم والعمل على اشراكهم في فاعليات وبرامج التنمية واستحداث أليات وبرامج ووسائل لرعايتهم وذلك تقديرا لدورهم الحيوي في دفع مسيرة التنمية في البلاد.
تاسعا: سرعة وضع برنامج عمل الحكومة لتقديمه إلى مجلس الأمة في اقرب وقت وبمراعاة ان يكون برنامجا واقعيا يلبي الاحتياجات في اطار الخطة التنموية المعتمدة وان يكون برنامجا قابلا للتنفيذ وفق جدول زمني محدد واليات مناسبة للمتابعة وتسريع الانجاز وادوات عملية تكفل المحاسبة بمكافأة المجد ومجازاة المقصر ومنع التسيب واهدار المال.
وأن يراعى عند اعداد هذا البرنامج أن يكون انجاز المشاريع الحكومية من ابرز اولوياتنا بما يستوجب إعادة النظر في أليات اعداد المشاريع وضمان انجازها في وقتها المحدد وفق عمل مؤسسي واضح ووضع حد للأوامر التغييرية وما يترتب عليها من كلفة وتأخير في الانجاز.
واخيرا: تجسيد مبدأ التضامن الوزاري والمحافظة على سرية أعمال مجلس الوزراء تنفيذا لاحكام الدستور في مادتيه 58 و128، وهذا ليس خيارا بل نهج التزام تتبعه الحكومة للتصدي برؤية واحدة لكافة التحديات الداخلية والخارجية ويتيح للوزراء ابداء الآراء والتصورات بحرية تامة ومصداقية مع ضرورة الالتزام باليات العمل في مجلس الوزراء واحترام التعميمات الصادرة عنه بما يؤدي إلى حسن استثمار الوقت وينظم عمل مجلس الوزراء دون خلل أو قصور.
الأخوة الافاضل هذه بعض الافكار الأولية التي رأيت أن اطرحها على حضراتكم في أول اجتماع كتذكير ببعض ثوابت العمل الحكومي دون اغفال واجب كل منكم بالتصدي للأمور الخاصة بوزارته ودون التقليل من أهمية سائر الموضوعات والقضايا والمحاور التي لم تشملها هذه المحاور ولا يخفى على أحد أن العمل الوزاري يتطلب تعاون الجميع وتلاقي الجهود فالأداء الحكومي دائما تحت المجهر واهل الكويت ينتظرون منا حسن العمل والانجاز ويتطلعون بكل ثقة إلى جهودكم واعمالكم في تحقيق تطلعاتهم وامالهم في مستقبل يعمه الرخاء والازدهار.
أيها الأخوة تعلمون إننا نعيش فترة دقيقة وحساسة في الكويت والمحيط والعالم حيث يهيمن واقع التقلبات السياسية والأمنية على المنطقة بما تنطوي عليه من تداعيات وانعكاسات تستوجب منا رص الصفوف وتوحيد الكلمة وحسن استيعاب مخاطر هذا الوضع وان نعمل جميعا للحفاظ على أمن الوطن واستقراره ورفعته.