تواصل الدكتورة سعاد الصباح بحثها في تاريخ الكويت، وفي إطار سعيها لرفد المكتبة الكويتية بما غاب عنها من توثيق لعهود مهمة من تاريخ البلاد، وشخصيات فاعلة تركت بصمات جلية على هذا التاريخ، أصدرت الدكتورة سعاد الصباح أخيراً كتابها الجديد “الكويت في عهدي جابر بن عبدالله الصباح وصباح بن جابر الصباح”.
الكتاب جزء من مشروعها التأريخي الذي اصدرت منه “مبارك الصباح مؤسس دولة الكويت الحديثة”، و”صقر الخليج…عبدالله مبارك الصباح”، و”الكويت في عهد عبدالله بن صباح الصباح”، و”الكويت في عهد محمد بن صباح الصباح”.
في كتابها الجديد، تعرض المؤلفة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لأوضاع الكويت والكويتيين في فترة حكم الشيخ جابر بن عبدالله الصباح، ثالث حكام البلاد، والذي امتدت فترة حكمه من 1814 إلى 1859، وفترة حكم نجله الشيخ صباح بن جابرمن عام 1859 إلى أن توفاه الله في عام 1866.
وقد استندت الكاتبة في تقصيها لمظاهر ووقائع فترتي الحكم هاتين إلى كم كبير من الكتب والبحوث والوثائق، العربي منها والأجنبي.
اشتمل الكتاب على مقدمة وستة فصول، المبحث الأول بعنوان “سيرة حياة”، والثاني “الأوضاع الاقتصادية”، والثالث “الأوضاع الاجتماعية”، والرابع “تطور علاقات الكويت مع نجد والبحرين”، والخامس “تطور العلاقات مع القوى الإقليمية الأخرى”، والأخير جاء بعنوان “الكويت والسعي إلى التوازن بين القوى الكبرى”.
ورصدت علاقة الشيخ جابر بوالده الشيخ عبدالله الصباح الذي حكم الكويت 38 عاماً خلال الفترة من 1776 حتى 1814، وتحيل إلى عدد من الوقائع ما يؤكد أنه كان يعين أباه في تسيير أمور الكويت، ومنها قيادته الحملة البحرية التي ساندت حاكم البحرين الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة في صراعه مع الشيخ رحمة بن جابر الجلاهمة. وتستخلص الكاتبة من العديد من الكتب والوثائق أن الشيخ جابر بن عبدالله كان حكيماً وحازماً وكريماً، ومتواضعاً وهادئ الطبع، وتؤكد تمسكه بحقوق أهل الكويت وممتلكاتهم وحرصه على حمايتها والدفاع عنها.
بعد ذلك، تتطرق إلى فترة حكم الشيخ صباح بن جابر، التي استمرت سبع سنوات فقط. وترصد مظاهر ازدهار التجارة وركوب البحر في عهده، اذ اهتم بأحوال السوق والتجار وفرض الأمن.
وحول العلاقات الخارجية، آنذاك، تستحضر الدكتورة الصباح علاقات الكويت في عهدي الشيخ جابر بن عبدالله والشيخ صباح بن جابر مع نجد والبحرين، وتشير إلى حرص الشيخين على استقلال الكويت من خلال بناء سياسة توازن بين الأطراف المتصارعة في شبه الجزيرة العربية والخليج، بل لم يوفرا الفرص كلما حانت للتوفيق بين تلك الأطراف.
وفي إطار العلاقات مع القوى الإقليمية، ترصد المؤلفة صلات الكويت في تلك الآونة مع جنوب العراق وإمارات الخليج، كالبصرة والزبير والمحمرة وبوشهر من خلال الأبعاد السياسية والعسكرية والتجارية.
وفي المبحث الأخير، تركز الكاتبة على ازدياد الاهتمام البريطاني بالكويت كجزء من ستراتيجيتها في الخليج، وتشير إلى الصفات التي جعلت من الكويت محط اهتمام البريطانيين؛ ومنها موقعها الستراتيجي على رأس الخليج، وهو ما جعلها طريقاً تجارياً من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى الهند وسواحل أفريقيا.
كما تشير إلى اتفاقية الهدنة البحرية مع بريطانيا، وإلى التنازع الدولي على إنشاء سكة حديد في المنطقة تنتهي في الكويت.