السياحة والسفر

يقول الإمام الشافعي : تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفريج هم واكتساب معيـــشة وعلـــم وآداب وصحـــــبة ماجد.

اخذني هذا البيت في البحث عن معنى السياحة واختلافها عن السفر ورغم تشابك المعاني وتقارب تفسيراتها الا اننا نستطيع التفرقة بينهما بفارق بسيط وهي ان السفر هي عملية الانتقال من مكان الى مكان اخر بغض النظر عن الأسباب او المدة الزمنية التي ستستغرقها الرحلة من الذهاب الى العودة ، ويقصد بالسفر عملية الانتقال بحد ذاتها ، اما السياحة فتكون مدروسة بشكل أكبر وما يميزها انها محددة بفترة زمنية ويغلبها طابع التخطيط والتحديد المسبق، ولكن عند العودة الى الابيات واسترجاع الحقبة الزمنية التي كان يعيشها الشافعي نستذكر انه لم يحض بالتقنيات الموجودة اليوم ولم يتمتع بأدوات تصدير السياحة ونقل الثقافة والمعرفة التي تميز عصرنا الحالي فالحصول على الفوائد المذكورة يمكن اكتسابها بكبسة زر واحدة دون الحاجة الى تحمل مشقات السفر القديم عبر الصحاري والجبال لكسب المعرفة والعلم او حتى كسب العيش.

منذ القدم والسياحة لا تقتصر على تفريج هم كما ذكر الشافعي، بل هي فكر وتجربة أي انها كانت وما زالت لا تقتصر على مرافق ترفيهية او امسيات غنائية، اننا بالسياحة نتجول بين ارجاء ثقافة مختلفة وفكر مختلف ونثري عقولنا ومعرفتنا بمكتسبات معرفية جديدة او مختلفة نتلامس بها نفسيات الشعوب ونشعر بمدى تقبلهم لمن يختلف عنهم في الأصل او اللغة وكثيرا ما تكون تجربة مخالطة المجتمع المغاير هي التجربة الحقيقة او الانطباع الذي قد ينقله الفرد بالبدء بالحديث عنه بعد مشاهدة المرافق العامة والعمران والحضارة.

صناعة السياحة تبدأ بتهيئة المجتمع لتقبل الفكر المختلف الذي يحمل لنا معاني جديدة لنختار منها ما ينساب ثقافتنا ونغذي بها مفاهيمنا صناعة السياحة تبدأ من التعليم وتنتهي بالمشاريع والقرارات العامة التي تؤثر على استيراد هذه الثقافات المختلفة صناعة السياحة تكون بإعداد بنية تحتية فكرية، ثقافية، تشريعية، صناعة السياحة هي صناعة المستقبل منذ قديم العصور.

محمد الكندري