دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وذلك في الزيارة التاريخية التي أجراها خادم الحرمين للقاهرة واستغرقت عدة ايام.
فقد شهد الزعيمان توقيع 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا للتعاون في المجالات كافة، وقد اتفقت الدولتان على تشييد جسر بري يربط بين البلدين، وذلك فى خطوة وصفها خادم الحرمين بالتاريخية، لما ستحققه من فوائد للبلدين.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي ان زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر تأتي توثيقا لأواصر الأخوة بين البلدين.
وقال السيسي، إن الزيارة تفتح المجال لانطلاقة حقيقية للعمل المشترك.
ورحب السيسي في كلمته بخادم الحرمين الشريفين على أرض الكنانة في هذه الزيارة التاريخية، موضحا ان هذه الزيارة إنما تأتي توثيقا لأواصر الأخوة والتكاتف القائمة بين البلدين، وترسي اساسا وطيدا للشراكة الاستراتيجية بين جناحي الأمة العربية مصر والسعودية، كما تفتح المجال امام انطلاقة حقيقية بما يعكس خصوصية العلاقات الثنائية خاصة في مجال العمل المشترك، وبما يسهم في مواجهة التحديات الإقليمية غير المسبوقة التي تواجهها الأمة العربية.
وأضاف قائلا: «تمر أمتنا العربية والإسلامية بمرحلة دقيقة نتحمل فيها مسؤولية كبرى أمام شعوبنا خاصة الأجيال القادمة، وأثق ان خصوصية العلاقات المصرية السعودية وما تنطوي عليه من عمق ورسوخ ستمكننا معا من مواجهة التحديات المشتركة، والتعامل الجاد مع كل من يسعى للمساس بالأمن القومي العربي أو للإضرار بالمصالح العربية، أو تهديد الأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه شعوبنا.
وذكر: «ان ثقتي كاملة في أن التنسيق المشترك بين مصر والسعودية يمثل نقطة انطلاق حقيقية لمعالجة العديد من أزمات المنطقة على نحو ما نشهده في القضية الفلسطينية واليمن وليبيا وسورية وغيرها من الأزمات ورغم ما تعانيه بعض دول المنطقة من صعوبات نتيجة احتدام الصراعات».
وقال السيسي: «زيارة جلالتكم تدفعني إلى التفاؤل بأن نعيد معا الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية الجامعة للوقوف في مواجهة الارهاب والتطرف اللذين يقوضان الاستقرار ويمثلان خطرا على مستقبل الانسانية بأسرها».
وأضاف: «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يرحب بكم اليوم 90 مليون مصري، عاهدا فيكم اخا محبا وداعما لمصر وشعبها، فالشعب المصري لم ينس يوما مواقفكم النبيلة وتطوعكم مع اشقائكم في القوات المسلحة المصرية في التعبئة العامة لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ودوركم في دعم المجهود الحربي إبان حرب الاستنزاف، والتي تكللت بنصر اكتوبر المجيد، وهي مواقف تنم عن أصالة وشهامة عربية خالصة كانت وستظل دائما محل اعزاز وتقدير من شعب مصر الوفي لشخصكم الكريم».
وذكر السيسي: «ندشن معا اليوم صفحة جديدة على درب العمل العربي المشترك، كما نضيف لبنة في صرح العلاقات المصرية السعودية، ونسطر معا فصلا جديدا سيسجله التاريخ وستذكره الاجيال القادمة، فزيارة جلالتكم إلى وطنكم الثاني مصر انما تفتح آفاقا ممتدة لمجالات التعاون الثنائي، حيث نشهد اليوم التوقيع على اتفاقيات في العديد من مجالات التعاون المشترك وهو الامر الذي يمثل نقلة نوعية في إطار سعينا الدؤوب لتأمين المستقبل المشترك للاجيال القادمة من أبناء البلدين الشقيقين. ولقد جاء تقليد جلالتكم أرفع الأوسمة المصرية (قلادة النيل) تعبيرا عن مشاعر الإخاء والإعزاز والمحبة التي تكنها مصر لجلالتكم رئيسا وحكومة وشعبا».
من جانبه، قال الملك سلمان بن عبدالعزيز في كلمته: «يسرني أن أزور أرض الكنانة بلاد التاريخ والحضارة والعلم والثقافة، وأن أتقدم بالشكر لفخامتكم وللشعب المصري الشقيق على ما لقيناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة».
وأشار الملك سلمان إلى أن زيارته إلى مصر تأتي في إطار تعزيز العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين والتي تصب في خدمة الشعبين من توثيق التعاون المشترك وخدمة قضاياه ودعم الأمن والسلام الدولي.
إنشاء جسر بري
كما أضاف الملك سلمان، خلال كلمته، أنه اتفق مع الرئيس عبدالفتاح السيسي على إنشاء جسر بري يربط بين البلدين الشقيقين، موضحا ان هذه تعد خطوة تاريخية تمثل في ربط البر بين القارتين الآسيوية والأفريقية، وتعد نقلة نوعية عظيمة، حيث سترفع التبادل التجاري بين القارات إلى مستوى متميز وغير مسبوق.
وأوضح ان خطوة إنشاء الجسر ستدعم صادرات البلدين في بلدان العالم، فضلا عن أنها ستشكل جسرا ومعبرا أساسيا للحجاج، ومنفذا دوليا للمشاريع الواعدة بين البلدين، كما أنها ستوفر فرص عمل لأبناء المنطقة.
تكاتف الجهود العربية
وعبر الملك سلمان عن فخره بما تم تحقيقه حتى الآن على كل الأصعدة والتي جعلتنا اليوم نعيش واقعا عربيا وإسلاميا جديدا.
وقال الملك سلمان في كلمته إن التحالفات التي شكلناها تمثل أساسا قويا، حيث إننا اتحدنا ضد من يتدخل في شؤوننا الداخلية، ورفضنا المساس بأمن اليمن واستقراره والانقلاب على الشرعية فيه، وأكدنا تضامننا من خلال تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب شمل 37 دولة».
وأشاد الملك سلمان بالتوحد وتكاتف الجهود العربية وفعاليتها من خلال الدول المشاركة فعليا في هذه التحالفات، ومتمنيا تشكيل القوة العربية المشتركة في اقرب وقت.
وأشاد الملك سلمان بما تشهده مصر حاليا من عصر جديد كفل للأمة العربية هيبتها، ومكانتها، لافتا إلى أنهم يعملون على تكليل نجاح الجهود المبذولة في إنشاء القوى العربية المشتركة.
ومن جانبه، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إنه سيتم إطلاق اسم الملك سلمان بن عبدالعزيز على الجسر البري الذي سيربط بين مصر والسعودية.