بعد موافقة مجلس الأمة على قانون حرمان المسيء للذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية من الترشح للانتخابات في مداولتيه الأولى والثانية واحالة القانون للحكومة، شهدت الساحة السياسية حالة جدل شديد بين مؤيد ومعارض للقانون، وحاول البعض اتهام السلطتين بتوجيه القانون إلى اشخاص بعينهم لضمان عدم ترشحهم الا ان وزير الاعلام حسمها بتأكيده ان «الكويت اكبر من الشخوص».
وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله «ان من يعيب في الذات الالهية والاميرية لا يستحق ان يكون عضوا في مجلس الامة ويدخل قاعة عبدالله السالم، لان اول عمل لاي عضو يدخل مجلس الامة هو القسَم بأن يكون مخلصا للوطن وللامير، ولذا لن يسمح لمن صدر بحقه حكم نهائي لاساءته للذات الالهية او الانبياء او الامير بأن يترشح او ينتخب، حسب التعديل الذي اقر في قانون الانتخابات في المداولتين ورفع للحكومة».
وقال العبدالله: «ان صدور قانون يمنع هذا المسيء من الترشح والانتخاب هو قانون منطقي ومحق ويضع النقاط على الحروف»، لافتا إلى ان «القانون لن يسمح لاي فرد تحمل صحيفته الجنائية حكما نهائيا بالادانة على سند من العيب بالذات الالهية او الاميرية ان يتقدم للترشح او للانتخاب، ويعتبر محروما منهما بقوة هذا القانون».
وفي رده على ما أثير بأن إقرار مجلس الأمة لقانون حرمان من يسيء للذات الإلهية وذات صاحب السمو الامير من الدخول إلى الانتخابات البرلمانية الهدف منه هو منع النائب السابق مسلم البراك من الترشح للانتخابات، قال وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود: لم نقصد شخصا بعينه بل ان «القرار جاء للتركيز على وضع ضوابط تمنع المساس بالذات الإلهية وكذلك ذات صاحب السمو الامير التي يعتبرها الجميع رمزا للكويت وليست له علاقة بشخوص بعينهم»، مضيفا «الكويت والتشريعات أكبر وأهم من الشخوص وكلنا أمل بأن تصب جميع التشريعات في مصلحة وازدهار الكويت».
نيابيا اكد النائب د.أحمد مطيع العازمي أن الاقتراح بقانون الذي تقدم به ومجموعة من زملائه النواب إلى رئاسة المجلس وينص على إضافة فقرة للمادة 2 من القانون رقم 35 لسنة 1962 بشأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة هو اقتراح مهم وبعيد كل البعد عن الشخصانية كما يظن ويتوهم البعض.
وقال مطيع: إن هذا الاقتراح بقانون يعد إضافة مهمة لقانون الانتخاب فكيف لمن تسول له نفسه الإساءة وعدم توقير لله- عز وجل- أو لمقام الأنبياء أو الخلفاء الراشدين أو يخرج على ولاة الأمور ويسب ويعتدي فيعيب في الذات الأميرية.
كيف يصح أن يمثل الشعب الكويتي في مجلس الأمة أو يدخل تحت راية أمير البلاد فيواليه على السمع والطاعة إلا فيما حرم الله عز وجل؟
مؤكدا أن القانون سيطبق من تاريخ إقراره ولا يتعلق بمن عليهم أحكام نهائية تخص هذه القضايا قبل إقرار هذا القانون وفقا للمادة 179 من الدستور وأنا تأكدت من ذلك قبل التقدم بهذا المقترح وبالتالي تنتفي صفة الشخصانية التي اتهمنا بها البعض وأثاروا حولها اللغط بعد تقديم هذا الاقتراح، مضيفا أنه ومجموعة من زملائه النواب قدموا مقترحا جديدا بالتعديل على الاقتراح بقانون المقدم آنفا بإضافة منع الترشح لمجلس الأمة لمن صدرت ضده أحكام نهائية بالطعن في الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهم.
وأكد النائب أنه وزملاءه النواب يعملون على صياغة تشريعات وقوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية تصب في الصالح العام وخدمة الكويت وأهلها. و قال النائب د.أحمد مطيع: إنني تأكدت بنفسي أن قانون منع الترشح للمسيئين للذات الالهية والانبياء والذات الأميرية لن يطبق بأثر رجعي. وأضاف مطيع تقدمت ومجموعة من النواب بهذا الاقتراح الذي وافق عليه مجلس الامة في جلسته امس، موضحا انه ومجموعة أخرى من النواب تقدموا بتعديل يقضي بإضافة منع ترشح المسيئين لأمهات المؤمنين والصحابة الكرام.
وتابع: نحن لا نقصد أشخاصا معينين بعينهم في هذا القانون، مشددا على أن هذا القانون لن يطبق بأثر رجعي.
وزاد بقوله، بصفتي احد مقدمي الاقتراح الذي وافق عليه مجلس الامة في جلسة 22/6/2016 الخاص بالحرمان من حق الانتخاب لمن ارتكب جريمة تمس بالذات الالهية والأنبياء والذات الأميرية.
اود ان اؤكد اني لم اتقدم بهذا الاقتراح بالقانون الا بعد ان تحققت تماما انه يتضمن نصا جزائيا لا يجوز عملا تطبيقه بأثر رجعي قبل تاريخ العمل به انما يطبق على من تصدر بحقهم هذه الاحكام بعد تاريخ نفاذه. عملا بالمادة 179 من الدستور: لا تسري احكام القوانين الا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها اثر فيما وقع قبل هذا التاريخ.
ويجوز في غير المواد الجزائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة اغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة.
وتعقيبا على بيان التحالف الوطني الديموقراطي،قال النائب علي الخميس مغردا على تويتر: «التحالف الوطني وبيانهم (السيئ) كأنهم يقولون دعونا (نلهو ونلعب) في الذات الإلهية وليس للمجلس أن يتوسع في إقرار النصوص!!».
وأضاف الخميس «من يريد أن يصور ان تعديل قانون الانتخاب جاء للانتقام فهذا فهمه ونحن نصوت على قانون وليس نوايا فلا يجوز لمن يدان بهذه الجرائم أن يمثل الأمة».
ستهداف السياسيين.
وكان التحالف الوطني الديمقراطي قد اصدر بيانا رافضا للقانون قال فيه ان الإساءة للذات الألهية والأنبياء والذات الأميرية تم تجريمها في أكثر من قانون أقر من مجالس الأمة، وحددت لها عقوبات بالسجن أو الغرامة وهو ما نراه كافيا كعقوبة يجب ألا تمتد إلى حق المواطن في الترشح والانتخاب متى ما قضى مدة محكوميته ورد له اعتباره.
ويرى «التحالف» أن التصويت للمرشح المدان بالإساءة للذات الالهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية -بعد انتهاء مدة حكمه ورد اعتباره- قرار يعود إلى الناخبين وهم أحرار لمن يصوتون له وفق قناعاتهم، ولا يجب بأي شكل من الأشكال التدخل في خياراتهم بهذه الصورة المسيئة.
ويعبر التحالف الوطني الديموقراطي عن استغرابه الشديد من اقحام الذات الالهية والأنبياء في مثل هذا التعديل رغم أن الكويت لم تشهد سوى حالات شاذه لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في مثل تلك الجرائم، وهو ما لا يستدعي معه أي تدخل تشريعي إضافي يصل إلى الحرمان من الانتخابات، متساءلا هل الهدف من هذه الإضافة احراج النواب والشارع العام؟
ويشدد التحالف أن موقفه من التعديل الأخير بقانون الحرمان من الترشح والانتخاب يتوافق مع موقفه السابق من قانون إعدام المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، إذ يرفض“التحالف”أن يكون التشريع ردة فعل لحالات محددة أو لأهداف بعيدة عن المصلحة العامة يكون محركها التكسب السياسي أو الطائفي أو الانتخابي.
لتعديل الذي أقر على قانون الانتخابات الذي يحرم المدان بالإساءة للذات الالهية والأنبياء والذات الأميرية، مشيرا إلى أن عدم تصويته بالرفض بسبب وجوده في اجتماع للاستعداد إلى مناقشة تعديل قانون مؤسسة الرعاية السكنية والذي أقر في نفس الجلسة.
وانضم إلى الرافضين أيضا النائب راكان النصف الذي اكد ان موقفه الرافض لتعديل قانون الانتخاب ينطلق من مبادئ راسخة بحق المواطن في اختيار ممثله في البرلمان وايمانه التام بأن لكل مواطن مدان بعقوبة جناية ورد له اعتباره فأن الترشح والانتخاب يكون حقا دستوريا، وهو ما لا يتوافر في التعديل الأخير الذي استعبد رد الاعتبار واكتفى بالحرمان النهائي.
وشدد النصف على أن مثل تلك القوانين لا تخدم الصالح العام ولا يمكن أن تعتبر تشريعا حقيقيا يعود على الدولة والمواطن بالفائدة المرجوة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، مشيرا إلى أن هذا التعديل مثله مثل قانون اعدام المسيء والذي أساس تشريعه حالات فردية لا تمثل ظاهرة في المجتمع بما ينتفي معه جدواه القانونية.
قانونيا، قال الخبير الدستوري د. محمد الفيلي، ان القانون الذي أصدره المجلس يطبق على كل من صدر في حقه حكم نهائي ويمكن لهؤلاء أن يطعنوا أمام المحكمة الدستورية في دستوريته إذا استندوا إلى أن الحرمان من حق الانتخاب هو عقوبة تكميلية.
واضاف الفيلي: إن القانون بعد دخوله حيز التنفيذ يطبق على كل من صدر عليه حكما نهائيا، لافتا إلى أن الفيصل في الأمر هو هل القانون الجديد نص جنائي أم لا، ومن يحسم الموضوع هو المحكمة الدستورية.
وأوضح أن المحكمة الدستورية إذا قررت أن النص الجديد جنائي فلن ينطبق على المخاطبين به قبل صدوره، أما إذا رأت المحكمة أنه ليس نصا جنائيا فبالتالي ينطبق القانون على كل من صدر عليه حكم نهائي قبل إقراره.
بدوره، أكد رئيس جمعية المحامين ناصر الكريوين، أن القوانين يتم تنفيذها منذ إقرارها وإصدارها ونشرها في الجريدة الرسمية، مشددا على أن قانون منع المدانين بالإساءة للذات الإلهية والذات الأميرية من الترشح لا يسري على من سبق أن تمت إدانته في مثل هذه القضايا.
وقال الكريوين: لم نتمن أن يصدر القانون بهذا الشكل الذي يحتوي على شبهة عدم دستورية لا سيما أن القانون لم يلتفت إلى مسألة رد الاعتبار نهائيا.
من جهته، قال المحامي عبد الحميد الصراف، أنه يتم العمل بأي قانون فور صدوره ونشره بالجريدة الرسمية ولا يطبق بأثر رجعي.
وأضاف الصراف: «بالنسبة للمتهمين قبل صدور هذا القانون فإن لهم الحق في الترشح للانتخابات إلا إذا ارتكبوا الجريمة المنصوص عليها خلال سريان القانون فإن للحكومة الحق في منعهم من التشريح وفق القانون».