الشيخة بيبي اليوسف الصباح 
احتفلنا وخلصنا… وعمت الفرحة بيوتنا ورفرفت أعلامنا في الشوارع والساحات وملأت الأنوار المناطق والأبنية، بمناسبة الذكرى الـ60 للاستقلال والـ30 للتحرير.
الآن، وبعد هذه الاحتفالات فهل تذكرنا شهداءنا كما يجب، أو كما يليق بهم؟.. هل تذكرنا هؤلاء الذين أكرمهم الله بمنزلة الأنبياء والصديقين؟
منذ أن وطأت قدماي أرض الكويت المحررة في 28 فبراير 1991 كان عندي حلم وأطلقت عليه «حلم عمري»، وهو ببساطة أن يتم توثيق مسيرة الشهداء وسيرتهم عبر أفلام وتقارير عن كل شهيد منذ ولادته وحتى استشهاده، كي تبقى ذكراهم حاضرة في الوجدان وفي أذهان الأجيال.
فالشهيد ليس مجرد رقم ضمن قافلة الشهداء، فلكل شهيد حكاية وأسرة وعائلة عاشت معه وحزنت لفقدانه… حكاية شخص تعرض للغدر والظلم والطعن من الجار وواجه الموت ببسالة وشجاعة.
اعتقد أن شهداء الكويت لم ينالوا التكريم الذي يستحقونه.. وما قُدِّم ويُقَدَّم لهم ولعائلاتهم لا يرتقي لما يجب أن يُقدَّم، لا سيما أن الملف ما زال مفتوحا، والجرح في قلوب ذوي المفقودين لم يندمل بعد… وأنا متمسكة بهذا الحلم حتى يتحول إلى خطة عمل وطنية تتكلل بإنتاج فيلم ضخم عن جريمة الغزو وأعمال توثيقية وفنية مختلفة ترتقي وتحاكي هذا الحدث الجلل.
ومسألة تكريم الشهداء عبر توثيق سيرتهم، هي جزء من توثيق لذاكرة وطن تعرض لأبشع صنوف الغدر، فشهداء الكويت يجب أن يُدرَّسوا في المناهج، وأولادنا من حقهم أن يعرفوا ويعتزوا بأبطال جابهوا الموت بشجاعة الفرسان الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ، وما قدموه لا يقل عما قدمه ثوار ومجاهدون أمام الاستعمار.
إن رؤية والد شهيد أو ابنه او زوجته لاسمه على شارع أو أي معلم سيكون الوقع في القلب أكثر من ربح كنوز الأرض، لأنه بدماء هؤلاء عادت البلاد حرة أبية، وهنا لا نقلل من أهمية ما تقدمه الدولة من رعاية لذوي الشهداء، لكن تكريمهم لم يصل إلى الحد الأدنى مما قدمه هؤلاء الأبطال.
ولا ننسى جهود رجال مخلصين تبنوا فكرة تكريم الشهداء وعلى رأسهم المرحوم الشيخ صباح ناصر السعود الصباح، وهذه الجهود يجب أن تُستكمل، لأن القضية كبيرة وتستحق منا إعداد خطط وفرق عمل، حتى نرى كل رؤساء العالم وزعمائه عندما يأتون إلى الكويت يقفون بإجلال أمام صرح الشهيد كما تفعل الكثير من الدول.
ويبقى الحديث عن الشهداء لا تكفيه سطور ولا تعبر عنه الكلمات، وسيبقى حلمي قائما حتى لا يأتي يوم ونقول للشهداء «سامحونا قصرنا معكم»…
الشيخة بيبي اليوسف الصباح
القبس
1 مارس 2021
