• نوفمبر 22, 2024 - 11:57 صباحًا

الإصلاح .. من أين نبدأ؟

لم يعد أحد يُشكّك في حاجة الكويت الماسة إلى إنجاز الإصلاح الاقتصادي والمالي، لمواجهة استحقاقات مرحلة ما بعد تراجع أسعار النفط، والتعامل مع واقع قائم، لا يحتمل التحليق في الخيال، والعيش في الأحلام، بل لا بدّ من التعاطي معه كما هو، لا كما نتمنى أن يكون، خصوصا في ظل ما تكشفه الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل، والتي تبين ـ على سبيل المثال ـ أن العجز المتوقع في الموازنة العامة الحالية للدولة، يصل إلى 8.18 مليار دينار، وهو متغير مهم وخطير، وستكون له حتما تداعياته الاقتصادية والمعيشية، ما لم نبادر باعتماد سلسلة من الإجراءات، للتغلب على هذا العجز.
يبقى أن الخلاف هو على كيفية تحقيق الإصلاح الاقتصادي المنشود، وهو الأمر الذي يثير الكثير من الخلاف وتباين الرؤى بين مجلس الأمة والحكومة في الوقت الحالي . ونحن مع التوجه الداعي إلى ألا تكون الإصلاحات على حساب المواطن والخدمات المقدمة له، لكننا في الوقت نفسه نكون كمن يطلب المستحيل، إذا تصورنا أن الإصلاح ممكن من دون أن يترك أي تأثير على المواطن.
تقتضي المصلحة الوطنية إذن، بل ومصلحة المواطن نفسه على المدى الطويل، أن يكون هناك قدر من التضحية يتحملها الجميع، بحيث لا يتم المساس بالضروريات والخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين.. لكن عندما نأتي مثلا إلى خدمة كالعلاج بالخارج، فيفترض أن يكون هناك تقبل للإجراءات التنظيمية لها، لأنها تمثل مدخلا واسعا وخطيرا للهدر المالي، فليس معقولا أن تنفق الدولة على هذه الخدمة في عام واحد مبلغ 441 مليون دينار، وفقا لأرقام ديوان المحاسبة، عن العام 2014، فلم تعد الموازنة العامة تتحمل مثل هذا الترف، الذي ما كان ينبغي أن يحدث حتى في فترة الوفرة المالية. ولو أننا حسبنا جملة ما أنفقناه على العلاج بالخارج خلال السنوات العشر أو العشرين الماضية، لاكتشفنا أنه يكفي لبناء عدد من المستشفيات العالمية، الكفيلة بعلاج المرضى الذين تتطلب حالاتهم مداواتهم في مستشفيات أوروبية أو أميركية.
يبقى أنه من الضروري أن تكون رؤية الحكومة واضحة تجاه قضية الإصلاح الاقصادي والمالي، وأن تأتي متوازنة لا تجور على الوطن أو المواطن، وأن تمتلك الحكومة أيضا القدرة على إقناع مجلس الأمة والرأي العام عموما بهذه الرؤية، ولا عليها بعد ذلك أن تمضي في تحقيقها، دون إبطاء أو تسويف، لأن كل دقيقة محسوبة علينا، و«مخصومة» من تنميتنا وسعينا الدؤوب إلى التطور والتقدم والحفاظ على المستوى المعيشي الراقي، واللائق بالكويت والكويتيين.

Read Previous

مجلس الوزراء يوافق على قانون التعرفة الجديدة للكهرباء والماء ويدعو المعنيين في القطاع النفطي لتقبل إجراءات الترشيد

Read Next

صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد مستقبلا د. عبدالله يوسف الغنيم

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x