لم تكن إشادة مجلة «ذا بانكر» البريطانية، ببرنامج الإصلاح المالي والاقتصادي الكويتي، واعتباره الأفضل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، من فراغ، فلا شك أن هذا البرنامج يحمل الكثير من المضامين التي تؤهله لتحقيق أهدافه.
ونحن نتفق مع خبراء هذه المجلة المتخصصة، في أن نجاح هذا البرنامج يتوقف على المناخ السياسي في الكويت.. وتلك رسالة بالغة الأهمية، ينبغي أن يعيها جيدا أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهم يناقشون برنامج الإصلاح، ذلك أنه حتى لو كان هذا البرنامج هو الأفضل، على مستوى العالم وليس الخليج فقط، فإنه لن يستطيع أن ينجح أو يحقق غاياته في مناخ سياسي مأزوم، يسوده الاحتقان والتوتر والشحن الذي لا يتوقف. وقد جربنا في سنوات سابقة كيف أدت مثل هذه الأجواء إلى تبديد كل الجهود الساعية للإصلاح، وعرقلة الكثير من المشاريع الكبرى، وتعطيل مسار التنمية في الدولة، وهروب الكثير من المستثمرين، بحثا عن فرص أفضل لاستثمار أموالهم في دول أخرى.
من هنا تأتي مسؤولية مجلس الأمة والحكومة، ليس فقط في تقييم برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي، والوصول به إلى الصيغة المثلى المنشودة، ولكن ـ وهذا هو الأهم ـ في توفير المناخ السياسي الملائم لتحقيق انطلاقة اقتصادية وتنموية كبرى، يحلم بها الكويتيون منذ فترة طويلة. لا يعني ذلك بأي وجه أننا نطالب مجلس الأمة بالتخلي عن دوره الرقابي، وممارسة النواب صلاحياتهم الدستورية في مساءلة الوزراء، فهذا كله مطلوب وضروري، ولا تقوم الحياة السياسية والنيابية الصحيحة إلا به، لكن ما ندعو إليه ونلح عليه أن يتم ذلك في إطار من الممارسة البرلمانية الراقية، والتي تجعل غايتها هي البناء والإصلاح، لا التشويش وافتعال الأزمات.
ولا بد أن نضع في حسباننا أيضا أن كل خططنا التنموية قامت في الماضي، على مصدر وحيد او شبه وحيد للدخل، وهو التحدي الأكبر الذي يواجهنا الآن، ومن أجل أن ننجح في هذه المواجهة، يتحتم علينا أن نعيد النظر في هذه الأوضاع، وأن نؤسس لمستقبل تنموي جديد، يكون النفط أحد أضلاعه، لكن لا يكون الضلع الوحيد فيه.. ونأمل أن نكون قادرين على النجاح في الوصول إلى ذلك، والحفاظ عليه.